کد مطلب:167918 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:231

الاجراءات الارهابیة الغاشمة
وما إنْ دخل ابن مرجانة القصر وهدأت أنفاسه المضطربة من شدّة الخوف والتعب، واطّلع علی حقیقة مجریات حركة الاحداث فی الكوفة، حتی بدأت قرارات الغشم الارهابیة، وقد مهّد لقراراته وإجراءاته الظالمة بخطاب إرهابیّ توعّد أهل الكوفة فیه بالسوط، والسیف، ورغبّهم بالانقیاد إلیه بادّعائه أنّ بزید أمره بإنصاف المظلوم واعطاء المحروم وبالاحسان إلی السامع المطیع!، قال ابن زیاد: (أمّا بعدُ، فإنّ أمیرالمؤمنین أصلحه اللّه ولاّنی مصركم وثغركم، وأمرنی بإنصاف مظلومكم وإعطاء محرومكم، وبالاحسان إلی سامعكم ومطیعكم، وبالشدّة علی مریبكم وعاصیكم، وأنا متّبع فیكم أمره، ومنفّذٌ فیكم عهده، فأنا لمحسنكم ومطیعكم كالوالد البرّ! وسوطی وسیفی علی من ترك أمری وخالف عهدی، فلیُبقِ امرؤعلی نفسه! الصدق یُنبیء عنك لاالوعید!). [1] .

ثمّ أتبع خطابه بإجراء قمعی رهیب (فأخذ العرفاء والناس أخذاً شدیداً، فقال: اكتبوا إلیَّ الغرباء، ومن فیكم من طلبة [2] أمیرالمؤمنین، ومن فیكم من الحروریة، [3] .


وأهل الریب الذین رأیهم الخلاف والشقاق! فمن كتبهم لنا فبریء، ومن لم یكتب لنا أحداً فیضمن لنا ما فی عرافته ألاّ یخالفنا منهم مخالف، ولایبغی علینا منهم باغٍ، فمن لم یفعل برئت منه الذّمة، وحلال لنا ماله وسفك دمه، وأیّما عریف وجد فی عرافته من بغیة أمیرالمؤمنین أحدٌ لم یرفعه إلینا صُلب علی باب داره، وأُلغیت تلك العرافة من العطاء، وسُیّر إلی موضع بعُمان الزارة.) [4] [5] .

لقد كان لهذا القرار الجائر أكبر الاثر علی مجری حركة الاحداث فی الكوفة، إذ كان العرفاء الواسطة بین السلطة والناس آنذاك، فهم المسؤولون عن أمور القبائل، یوزّعون علیهم العطاء، ویقومون بتنظیم السجلاّت العامة، التی فیها أسماء الرجال والنساء والاطفال، ویسجّل فیها من یولد لیفرض له العطاء، ویحذف منها المیّت لیحذف عطاؤه، وكانوا أیضاً مسؤولین عن شؤون الامن والنظام، وكانوا أیّام الحرب یقومون بأمور تعبئة الناس لها، ویخبرون السلطة بأسماء المتخلّفین عنها، وتعاقب السلطة العرفاء أشدّ العقوبة إذا أهملوا واجباتهم أو قصّروا فیها، ولقد كان للعرفاء بعد هذا القرار دور كبیر فی تخذیل الناس عن الثورة، وإشاعة الخوف والرهبة بینهم، كما كان لهم بعد ذلك دور كبیر فی زجّ الناس لحرب الامام الحسین علیه السلام.


[1] تأريخ الطبري، 3:281؛ والارشاد:188.

[2] اي الذين يطلبهم يزيد ويبحث عنهم ليعاقبهم.

[3] أي الخوارج.

[4] موضع معروف علي ساحل الخليج قرب عمان، شديد الحرارة، يُنفي إليه المخالفون آنذاك.

[5] تأريخ الطبري، 3:281؛ والارشاد: 188؛ وتذكرة الخواص: 200.